افتتاح صالة العرض مسار

05-11-2016

رسم في الذاكرة-ميس ومرح...
تلتقي خطوطي برسم يلوح في الأفق مبتعدا.... ممتدا من مولده ممعنا في التحليق في أعالي السماء... 
أحاول جاهدة استكماله لأتمكن من جمع الأجزاء... صورة تتلاشى حينا وتتكامل أحيانا... تتجلى أمامي بأدق تفاصيلها لتضيع مني في دهاليز الزمن... أستجمع الشظايا... أضعها ككومة وأنثرها أمامي... أتوه بجمعها مرة ومرة أخرى... 
طفلتان تلعبان بألوان الطفولة... تبددان خطى الزمن وتكبران على غفلة لتلعبا بألوان الكون... على غفلة مني تضرب الذاكرة عمق وجدانهن متلونة بألم فقدان البالغين وتشكل مقولة باكورة أعمالهن...
يتكون هذا المعرض من أعمال عدة يشكل بعض منها أعمالا أولية للمشروع النهائي للقب الأول وهي أعمال بحثية بطبيعتها وسكتشات لرسم تمهيدي قد يكون غير مكتمل بحد ذاته ولكنه يشكل جزءا هاما من سرديّة هذا المعرض تحديدا...
تنسج ميس ابو حريري ما بين الرسم والرسم الرقمي (digital) لغتها الفنية تبحث عن جديد في تاريخ يعجّ بالأشكال، ما بين الخط وانفجار البقعة، ما بين الحبر الأسود الحقيقي وحبر الآلة الاصطناعي تستدرج ذاكرتها آملة باستحضارها كاملة.... تستوقف نفسها أمام وضوح الصورة لتنكفئ عند عمق تفاصيلها... تفككها..... تعيد بناءها من جديد.... تعبث بأجزائها... وتكتفي بالترميز... تأخذ الرموز لديها أشكالا متعددة ومقولة فنية تصف فيها تشظي الذاكرة.... ذاكرة الفقدان المتشحة بالسواد... إذ لم تعد فرسها أصايل كاملة كما كانت...
تستجمع مرح زعبي تفاصيل حياتها اليومية وتذهب بذاكرتها إلى الوراء فتعود أدراجها إلى نقطة من الزمن قد فرّقت ما بين الأشياء والأشخاص والأرض والكواكب والسماء.... تجمع الماضي الذي بحث فيه جدّها أحمد عن أخيه ذيب الذي ضاع أثناء الهجيج الفلسطيني سنة 1948 وفرّقهما الزمن إلى الأبد، تجمعه بالحاضر الذي تحاول فيه جاهدة أن تجمع أجزاء قصة مضت ولكنّ جذورها ما زالت تضرب عميقا في حديث يومي ومحاولات لاستجواب عائلتها بحثا عن الحقيقة... فترتطم بثنائيتها وأختها وحديث يدور بينهما حول فراق محتمل يحمل لون البرتقال ورائحته... 
ونراها تلعب مع جدتها بين المرئي والمخفي لعبة تطوي فيها أسرارا ليس بمقدور الكاميرا إبصارها ولا نحن....
أسرار دفينة تجول بين ثنايا هذا العرض وقصص كثيرة... وصور مليئة بطفولة وصبا وحلم وحب وقهقهات وصراخ ودموع فرح ومسار يمتد منذ زمن بعيد... بعيد... يجمع ثلاثتنا بعد أن طيرت العشوش في محطة جديدة... هي المستقبل... 
(منار زعبي)